باب صلاة الجمعة
  خطابُ جَمْعٍ، وأقلُّ الجمع ثلاثةٌ، ولَمَّا خوطبوا بإجابة النداء كان المنادي لهم رابعاً؛ فلذلك قلنا: إنه يجب أن يكونوا ثلاثة سوى الإمام.
  مسألة: (والثاني: المكان الذي يُصَلَّى فيه، وهو أن يكونَ مسجداً في مدينة أو قرية أو على منهلٍ يُجَمَّعُ فيه). والدليل على ذلك أن الظواهرَالتي دلت على وجوب الجمعة من الآية والأخبار، كقوله ÷: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَومَ الْجُمُعَةِ إِلاَّ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَو مَمْلُوكٍ أَو مَرِيْضٍ وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى»(١) تقتضي وجوبَ الجمعة في كل موضع، فلما انعقد الإجماع على أنها لا تجب في المواضع التي ليست بمستوطَنَةٍ للناس خصصناها من جملة ما تناولته الظواهر، فبقي سائرُالأماكن التي ذكرناها داخلةً تحت ما اقتضاه الظاهر.
  مسألة: (والثالث: الوقت، وهو من زوال الشمس إلى أن يصيرَ ظِلُّ كُلِّ شيءٍ مِثْلَهُ). وذلك لما رويناه في خبر جبريلَ #، من قوله: «مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ»؛ ولم يستثن الجمعة فثبت أنه وقت لها؛ ولما روي عن النبي ÷ أنَّه كان يصلي الجمعة في ما بين ذلك(٢)، وقد قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
  مسألة: (والرابع: الخطبتان ويفصل بينهما بجلسة). وذلك لما روي أن النبي ÷ كان يخطب يوم الجمعة قائماً ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب الثانية(٣)؛
(١) شرح التجريد ١/ ٢٢١، والشفاء ١/ ٣٨٥، والاعتصام ٢/ ٤٦، وأصول الأحكام، والبيهقي ٣/ ١٨٤، والدار قطني ٢/ ٣.
(٢) البخاري رقم ٨٦٢، بلفظ: «كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس»، والترمذي رقم ٥٠٣، والبيهقي ٣/ ١٩٠، و نصب الراية ٢/ ١٩٥، ومسند أحمد رقم ١٢٣٢١.
(٣) المسند ص ١٤٤ كان رسول الله ÷ يخطب قبل الجمعة خطبتين يجلس بينهما جلسة خفيفة، وشرح =