شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب فروض الوضوء

صفحة 17 - الجزء 1

  الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}⁣[المائده: ٦] فأَمَرَسبحانه بغسل الوجه، والأمرُ يقتضي وجوب المأمور به. وقلنا: من جملته المضمضة والاستنشاق؛ لأن الوجه اسم لهذا العضو المخصوص من مَقاصِّ الشعر إلى أسفل الذَّقَنِ، ولا شك أنهما داخلان فيه؛ ولما روي عن علي # أنه أُتِيَ بِرَكْوةٍ في طشت فأَلقى الركوةَ على يده فغسلها ثلاثاً، ثم تمضمض واستنشق من كفٍ واحد ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإِناء فمسح رأسه وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: «هَذَا وُضُوءُ نَبِيِّكُمْ ÷ فَاعْمَلُوا بهِ»⁣(⁣١)، ولقوله ÷ لعلي # حين رآه يتوضأ: «تَمَضْمَضْ واسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ»⁣(⁣٢)، فأمَرَهُ بذلك؛ والأمر يقتضي الوجوب.

  مسألة: (والرابع: غسل اليدين مع الْمِرْفَقَيِن)، والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، والدليل على دخول الْمِرْفِقَينِ في وجوب الغسل ما روي عن النبي ÷، أنه كان إذا توضأ يصب الماء في راحته ويرده إلى مرفقية⁣(⁣٣). وقد ثبت أنَّ «إلى» تستعمل على وجهٍ يقتضي


(١) الأمالي ١/ ٢٩، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ٢٠٤، وأبو داود رقم ١١١، ومسند أحمد رقم ٩٩٨، ١٠٢٧، ١١٩٧، بألفاظ مقاربة.

(٢) شرح التجريد ١/ ٤٠، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ٢٠٥، والبخاري رقم ١٦٢، وأبو داوود رقم ٢٤٥، وابن ماجه رقم ٤٠٤ عن علي # بلفظ: «إن رسول الله ÷ توضأ فمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً من كف واحد» وسنن النسائي رقم ١١، والبيهقي ١/ ٤٨.

(٣) الشفاء ١/ ٥٠، والاعتصام ١/ ٢١٠، وفي أصول الأحكام، والدار قطني ١/ ٨٣، وشرح التجريد ١/ ٤٢ بلفظ: «إذا توضأ يدير الماء على مرفقيه».