باب صلاة الجماعة
  بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويقومون بقيامه، ويقعدون بقعوده؛ لتصحَّ المتابَعةُ له والائتمام به.
  مسألة: (وإذا جهر بالقراءة سكتوا واستمعوا، وإذا خافت قرأوا): أما سكوتهم عند الجهر بالقراءة واستماعهم؛ فلقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: ٢٠٤]، فاقتضي ذلك وجوبَ الإِنصاتِ والاستماع عند قراءة القرآن في الصلاة، ولا خلافَ أن ذلك لا يَجِبُ في غيرِ الصلاة. ولما روي عن النبي ÷ أنه انصرف عن صلاةٍ جَهَرَ فيها بالقراءة فقال: «هَلْ قَرَأَ مِنْكُمْ مَعِي أَحَدٌ آنِفاً؟» فقال رجل: نعم يا رسول الله، فقال ÷: «إِنِّي أَقُولُ مَالِي أُنَازَعُ القُرْآنَ؟»(١). فانتهى الناس من القراءة مع رسول الله ÷ فيما جَهَرَ فيه حين سمعوا ذلك عنه. وأما قراءتهم عند مخافتة الإمام فلأن الأصلَ وجوبُ القراءة بما تقدم من قوله ÷: «لاَ تُجزِي صَلاَةٌ لاَ يُقْرَأُ فِيْهَا فَاتِحَةُ الكِتَابِ وَقُرْآنٌ مَعَهَا»(٢). وإنما أسقطنا وجوبها عن المأموم عند سماعه لقراءة الإمام في قراءة الجهرِلمَا تقدم من الدلالة، فبقي موضع المخافتة على حكم الأصل.
  فصل: وإذا لم يسمع المأمومُ قراءةَ الإمام في صلاة الجهر لمانعٍ من بُعْدٍ [أو صمم أو تأخر] أو غير ذلك - وجب عليه أن يقرأ؛ لأن القراءة واجبةٌ عليه إلاَّ عند سماع المأموم لقراءة إمامه؛ لما تقدم من الدلالة.
(١) شرح التجريد ١/ ١٨٢، والشفاء ١/ ٣٥٥، وأصول الأحكام، والترمذي رقم ٣١٢، وأبو داود رقم ٨٢٦، وابن ماجه رقم ٨٤٨، والبيهقي ٢/ ١٥٧.
(٢) شرح التجريد ١/ ١٤٨، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٢٧٢، الترمذي رقم ٢٤٧، والبخاري رقم ٧٢٣، بلفظ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، ومثله مسلم رقم ٣٩٤.