شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب صلاة الجماعة

صفحة 74 - الجزء 1

  بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويقومون بقيامه، ويقعدون بقعوده؛ لتصحَّ المتابَعةُ له والائتمام به.

  مسألة: (وإذا جهر بالقراءة سكتوا واستمعوا، وإذا خافت قرأوا): أما سكوتهم عند الجهر بالقراءة واستماعهم؛ فلقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}⁣[الأعراف: ٢٠٤]، فاقتضي ذلك وجوبَ الإِنصاتِ والاستماع عند قراءة القرآن في الصلاة، ولا خلافَ أن ذلك لا يَجِبُ في غيرِ الصلاة. ولما روي عن النبي ÷ أنه انصرف عن صلاةٍ جَهَرَ فيها بالقراءة فقال: «هَلْ قَرَأَ مِنْكُمْ مَعِي أَحَدٌ آنِفاً؟» فقال رجل: نعم يا رسول الله، فقال ÷: «إِنِّي أَقُولُ مَالِي أُنَازَعُ القُرْآنَ؟»⁣(⁣١). فانتهى الناس من القراءة مع رسول الله ÷ فيما جَهَرَ فيه حين سمعوا ذلك عنه. وأما قراءتهم عند مخافتة الإمام فلأن الأصلَ وجوبُ القراءة بما تقدم من قوله ÷: «لاَ تُجزِي صَلاَةٌ لاَ يُقْرَأُ فِيْهَا فَاتِحَةُ الكِتَابِ وَقُرْآنٌ مَعَهَا»⁣(⁣٢). وإنما أسقطنا وجوبها عن المأموم عند سماعه لقراءة الإمام في قراءة الجهرِلمَا تقدم من الدلالة، فبقي موضع المخافتة على حكم الأصل.

  فصل: وإذا لم يسمع المأمومُ قراءةَ الإمام في صلاة الجهر لمانعٍ من بُعْدٍ [أو صمم أو تأخر] أو غير ذلك - وجب عليه أن يقرأ؛ لأن القراءة واجبةٌ عليه إلاَّ عند سماع المأموم لقراءة إمامه؛ لما تقدم من الدلالة.


(١) شرح التجريد ١/ ١٨٢، والشفاء ١/ ٣٥٥، وأصول الأحكام، والترمذي رقم ٣١٢، وأبو داود رقم ٨٢٦، وابن ماجه رقم ٨٤٨، والبيهقي ٢/ ١٥٧.

(٢) شرح التجريد ١/ ١٤٨، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٢٧٢، الترمذي رقم ٢٤٧، والبخاري رقم ٧٢٣، بلفظ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، ومثله مسلم رقم ٣٩٤.