باب ذكر من توضع فيهم الزكاة
  مسألة: (ولا يجوز صرفها إلى أقارب النبي ÷، ولا إلى مواليهم). وأقارب النبي ÷ هم بنو هاشم، ومواليهم هم عتقاؤهم. وإنما حَرُمَتْ عليهم الزكاةُ؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ»(١). وعنه ÷ أنه لما سأله مولاه أبورافع أن يوليه شيئاً من الصدقات فقال ÷: «لاَ تَحِلّ الصَّدَقَةُ لآلِ مُحَمَّدٍ؛ وَمَوْلَى القَوْمِ مِنْهُم»(٢).
  مسألة: (ومن وجبت عليه زكاة لم يجز له صرفُها إلى أحد من آبائه وأولاده، ولا إلى من تلزمه نفقته). أما دفعها إلى الأباء والأمهات وإن علوا، أو إلى الأولاد وأولاد الأولاد وإن سفلوا فمما لا خلاف في أنه لا يجوز؛ والإجماع آكدُ الدلالة. وأما صرفها إلى من تلزمه نفقته فإنما لم يجز؛ لأنه يصير منتفعاً بالزكاة التي وجبت عليه من حيث إن ذلك يقتضي سقوط نفقتهم عنه؛ وذلك يخالف موضوع الزكاة؛ لأنها إِنما شُرِعَتْ لنفع المساكين دون أن يَنْتَفِعَ بها من وجبت عليه؛ ولهذا لم يجز له أن يأكلها ولا أن يقضيَ بها دينَه.
  مسألة: (ومن كان غنيًّا عنده ما يجب فيه الزكاةُ من سائر الأصناف، أَوْ لَهُ من الفضلات ما تبلغ قيمته النصاب، لم يجز له أخذ الزكاة)، وذلك لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية، فإذا لم يكن هذا من أحد الأصناف الثمانية لم يجز صرف الزكاة إليه؛ ولما روي عن النبي ÷ أنه
(١) الأمالي ١/ ٥٨٦، وشرح التجريد ٢/ ٨٣، والشفاء ١/ ٥٧٤، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٢٦٨، والمعجم الكبير ٣/ ٧٦ رقم ٢٧١٠، وابن حبان رقم ٣٢٩٤، وابن خزيمة ٤/ ٥٩ رقم ٢٣٤٧، وشرح معاني الآثار ٣/ ٢٩٧، وفتح الباري رقم ٥٩٩٦.
(٢) شرح التجريد ٢/ ٨٣، والشفاء ١/ ٥٧٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٢٦٨، والنسائي رقم ٢٣٩٤، والترمذي رقم ٦٥٧، وأبو داود رقم ١٦٥٠.