السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

وقعة عجيبة

صفحة 184 - الجزء 1

  طائفة يسيرة تقدمت للحرب فحاربتهم حرباً شديداً وسائر الناس منهزمون، فقتل بين يديه جماعة من أصحابه قدر أربعة عشر رجلاً، وهو لازم على الأعقاب، وما ثنى رأس فرسه عن العدو، حتى تخلص باقي أصحابه، وألمَّ به العدو من يمين وشمال وخلف ما بينهم وبينه فارس ولا راجل، ولقد اجتهد أصحابه في إزعاجه خوفاً عليه، حتى دقه الأمير عماد الدين بعقب رمحه دقة وقع معه منها ألم شديد، وما أقدم أحد عليه لما ألقاه الله في قلوبهم من هيبته، وما شاهدوه من شدة بأسه، وعرضه سيفه ورمحه دون أصحابه، وما علم الله في سلامته من عز الإسلام وصلاح الخلق، فدافع عنه بلطفه ورد عنه كيد عدوه.

  وروى الإمام قصة عجيب وأقسم بالله: (ما دخل قلبي خوف ولا فزع ولا رهبة من القتل، وإن الشهادة كانت أحب إلي لولا أني رجوت أن السلامة أصلح للإسلام والمسلمين، وأن تقع الرغبة في ذلك أو في من تقع الشهادة ما وليت من ذلك المقام حتى يقضي الله من الشهادة ما يقضي، ولكان أحب إلي وأسر لقلبي).

  فهذه خصال الإمامة قد بلغ # منها الغاية، وأدرك النهاية، فنذكر الآن دعوته في الجوف على وجه الاحتساب وبعد ذلك دعوته العامة.