السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

الدعوة العظمى للإمامة مع ذكر البيعة وكتاب الدعوة العامة

صفحة 211 - الجزء 1

  نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ١٢٠ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٢١}⁣[التوبة]، فانظروا - رحمكم الله - لأنفسكم نظراً مخلصاً، وسيروا إلى نجاتكم سيراً حثيثاً، ولا تربصوا بأهل بيت نبيكم، وكونوا لهم فئة يأوون إليها، وقاعدة يعتمدون عليها، فإنهم لا يصدونكم عن هدى، ولا يدلونكم على ردى، وكونوا عباد الله الذين اعترفوا بعبوديته، وأطاعوا عترة نبيه وصفوته، ونابذوا أعداءه ولم ينظروا إلى هذه الدنيا الفانية بعين الرغبة فيها، رحم الله عبدًا أخذ بعنان فرسه، وجاهد في سبيل ربه، وعمل لمعاده، ولم يخلد إلى الدنيا الغرارة الفانية، فإنا ما دعوناكم إلى ذلك حتى استحققنا رتبة الزعامة، ودرجة الإمامة، وشهد بذلك أكابر العترة الفضلاء، عليهم سلام الملك الأعلى، ومهما جهلتم من الأمور فلن تجهلوا أمر ركني هذا الدين، وعمودي هذه الملة، وسيفي العترة الطاهرة، الصابرين المحتسبين، السابقين المقربين، اللذين شهد بفضلهما المخالف اضطراراً، والموالف اختياراً:

  وكيف يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

  ثم هاهما قد أديا بيعتهما طائعين، وإلى الله تعالى بذلك متقربين، يريدان بذلك تجديد رسوم السنة، ولابسين من طاعة الله بهذه البيعة أستر لباس وأوقى جُنة، وإحياء محكم الكتاب والتزاماً بأمر رب الأرباب، قال الله تعالى فيما توجه لنا من الحق على ذوي الألباب: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩]، فكيف يجوز لمسلم أن يختار لنفسه غير اختيارهما، أو يتوهم أن نظره