السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

قصة ذمار وفتحها

صفحة 332 - الجزء 1

  جهران⁣(⁣١)، وتكون الطريق جوار الجبال مما يلي المغرب، فلم يرَ ذلك وقال:

  (لا بد من لحاق أصحابنا والله معنا، ولسنا نلقى العدو بالقلة ولا بالكثرة، إنما نلقاهم بالله وحده)، وازداد مع شدة الأمر وعظم الخطب جرأة وإقداماً، ونهض بمن بقي معه، فأمسى بالمحطة، وقد اشتد الأمر على السلطان جكو، ووقع الخوف العظيم والقلق في العسكر، فلما وصل إليهم الإمام # طابت نفوسهم وتقوت عزائمهم، ولما أصبح أمرهم بالتأهب، ولباس السلاح، والتعبئة للحرب، ونهض متوجهاً إلى جهة العدو، وصفت الخيل صفّاً واحداً، والرجل قدامها، وتقدمت طلائع بأخذ الأخبار، فعادت مخبرة بإقبال القوم، فانتقضت التعبئة وانهزمت الرجالة، ولم يبق منهم سوى أربعة عشر رجلاً، وثبت الإمام # في ذلك الموقف ثباتاً عظيماً عند ارتياع العسكر، عرفه من حضر من العرب والعجم، واشتدوا بما عاينوه من شدة بأسه وقوة عزمه، وكيف لا يكون ذلك وهو على بصيرة من أمره سلام الله عليه.

  وأتت طلائع بعد ذلك بأنه لا أصل للخبر الأول فتراجع الناس، وعتب عليهم الإمام وقال: (لو رددتم الأمر إلينا لكنا نميل بكم إلى جوار الجبل ونقاتل دونكم)، فاعتذروا واعترفوا بخطيئتهم، وندموا وتابوا، وجددوا البيعة.


(١) جهران: حقل واسع، وهو أحد حقول اليمن الثمانية المشهورة، يقع شمال مدينة ذمار، ومركزه معبر.