[إصلاح شؤون مأرب وبيحان والجوف وتعيين الولاة]
[إصلاح شؤون مأرب وبيحان والجوف وتعيين الولاة]
  وفي خلال ذلك الغوايرُ على أهل مأرب مستمرة، والجو شديد حتى يبرد لمواشيهم العلف، فيُجزّ لها رِقُّهُ لترعاه، وربما ركب الإمام في يوم بين أيام في الجند، ودنى منهم وتعرض لحربهم ولا يفعلون.
  وبلغت المشقة منتهاها، والضرة أقصاها، ورهن الإمام # الدروع التي لمماليكه مع ما حصل من المادة من الجوف مما حصل من الزرع ومن حريب.
  ووصله مال من عند الشيخ عز الدين عزان بن سعد أكثره فضة، فأمر ببيعها، وزاد في سعرها قدر الربع لعدم المشتري، ليسد به حالة العسكر لما قد لحقهم من المشقة، ولقد كان منهم من يقف الليلة والليلتين والثلاث على الشيء اليسير من النفقة، ويبيع الواحد أحد فردتي ثوبه وأحد نعليه ليسد به فاقته.
  ووصل في عرض تلك الإقامة محمد بن ناصر، وعبد العزيز وميسرة بن أبي عجلت من بيحان، وهم بنو عم سلطانها محمد بن مؤمل المكرماني يعرضون منه ومنهم الطاعة والدخول تحت أمر الإمام #، فآنسهم وقربهم، ووجدوا عنده من لين الجانب واللطف ما لم يكن في أنفسهم؛ لأن أهل مأرب باعدوهم، ومنعوا سلطانهم من الخروج إلى الإمام # في المحطة ببيحان، وسألوا منشوراً، فأمر بكتبه لهم: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقطع الفساد، ورفع الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتسليم الحقوق الواجبة، وإقامة الجمعة، والأذان بحي على خير العمل، ومباينة سبأ، وقطعهم من بلادهم ما داموا حرباً للإمام، فسمعوا وأطاعوا.