السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[كتاب الإمام # إلى إسماعيل]

صفحة 517 - الجزء 1

[كتاب الإمام # إلى إسماعيل]

  

  وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

  من عبد الله، المنصور بالله، أمير المؤمنين، عبد الله بن حمزة بن سليمان بن رسول الله ÷، إلى السلطان المعظم، والملك المكرم.

  سلام عليك، فإنا نحمد إليك اللهَ الذي لا إله إلا هو، ونسأله لنا ولك الهداية، والعصمة من الغواية.

  أما بعد: فإنا نوصيك وأنفسنا بتقوى الله العظيم، فإن الموصي بتقوى الله لم يدخر نصيحة، ولم يقصر في إبلاغ عظة، ونحذرك الدنيا فإنخا غرارة غدارة غرور ما فيها، ولا خير في كثير من زادها إلا التقوى، من قلل منها استكثر مما ينفعه، ومن استكثر منها لم تدم له، ملكها زائل، وظلها مائل، وعيشها غير طائل، أين الملوك الجبابرة؟ وأين القرون المتكاثرة؟ عثرت والله بهم الخدود العاثرة، وردوا في الحافرة، بعد أن كانوا عظاماً ناخرة، ورموا بالفاقرة، وألقوا في الساهرة، لا قوة ناصرة، ولا غدرة ساترة.

  أقرب الواعظين إليك أبوك الذي خضعت من هيبته الملوك، وزالت عن قدرة سلطانه الشكوك، نُزع من الدنيا أسكن ما يكون إليها، وغدرت به أوثق ما كان بها، فلم تدفع عنه جنوده المتكاثرة، ولا جموعه الوافرة، بل دخل عليه الموت بغير أذن، وخرج عنه بغير فسح، ولم يهب جنوده المجندة، ولا سيوفه المهندة، وولا خيوله المجردة، ولا رماحه المسددة، أصبح ملكاً كبيراً، وأمسى ضعيفاً أسيراً، يتصرف فيه ببسط يده، من كان لا يجتري من ترفع النظر إلى جسده، وكان آمراً فأمسى مأموراً، وقاهراً فأصبح مقهوراً، وغالباً فآض مغلوباً، وسالباً فانقلب مسلوباً، بينا هو صاحب