السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[كتاب الإمام # إلى إسماعيل]

صفحة 518 - الجزء 1

  القصر المشيد، إذ قيل صاحب القبر الجديد، نقل من السعة إلى الضيق، أربعة أذرع طولاً في ذراعين عرضاً، لا يملك سماء وأرضاً، ولا بسطاً ولا قبضاً، ولا نقداً ولا عَرَضَاً، فيا لها موعظة ما أظهرها إن عُقلت، وأنفعها إن قُبلت.

  وإني قد بعثت إليك بهذا الكتاب أدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه ÷، وإلى أن نقيم ألسنتنا بالحق، ونأمر بالصلاح والصدق، وننهى عن الكفر والفسق، ولا تأخذنا في الله لومة لائم، والصبر في البأساء والضراء وحين البأس، وإنصاف المظلوم ولو من أنفسنا، والضرب على يد الظالم ولو كان أحدنا، ورفع المناكير والمآثم، فإن قبلتَ هذه الهدية السنية، وأخلصتَ لله سبحانه النية، فلك الله عليّ إقرارك على ما في يدك من الأموال والمماليك، إلا ما تبين له مالك، ولنصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، ولينصرك إن نصرتنا فلا يغلبك مع الله غالب، وليعلون ذكرك في المشارق والمغارب، وليقهرن سلطانك الأباعد والأقارب.

  ونعيذك بالله أن يحضرك وزير، أو يعترضك مشير، كما روينا في ملك بعث الله إليه نبياً يدعوه إليه، فقال له ذلك النبي: إن الله بعثني إليك أدعوك إلى طاعته، على أن يؤتيك ثلاث خصال:

  الأولى منها: أن يقرك على ملكك، وأن يردك شاباً، وأن يدخلك الجنة.

  فأثر ذلك فيه، وهم بالرجوع إلى الله، فدخل وزيره عليه، فخبره الخبر.

  فقال: ما جاءك بشي:

  أما ملكك: فمن قد غلبك عليه حتى يقرك عليه.

  وأما ردك شاباً: فإنما حتال لتسويد شعرك، وأنا أحتالك في ذلك بخضاب يُسَوُّده.

  وأما إدخالك الجنة: فوعدك أمراً غائباً لا تعلم حقيقته.

  فرجع إلى قوله، فكان سبب هلاكه، فنسأل الله تعالى التوفيق.