قصة غزاة نجران الأخرى
قصة غزاة نجران الأخرى
  تواترت الأخبار من صعدة بأن الصعيب اليامي والبدو الذين معه من زبيد وآل أحمد وبني الحارث وبني عبلة وغيرهم من سائر البدوان بالقرب من نجران بموضع يقال له: سقام، بأموال كثيرة، وذلك وقت استواء التمر وطيبه، وهم آمنون من جهة الإمام #؛ لاشتغاله بحرب الغز في أطراف البلاد، ومقاومتهم عقيب أخذ كوكبان.
  فكتب إلى الأمير صنوه عماد الدين يحيى بن حمزة يأمره بالوصول، وكان يومئذ ببلاد الطرف(١) وبني شاور وقد وقع فيها اختلال.
  وسببه: تقدم الشريف علي بن يحيى بن الحسين من بني الهادي # إلى إسماعيل وهو بمحطة كوكبان، وأظهر الخلاف على الإمام #، واجتهد في قود العسكر، وتكفل أخذ البلاد، ولم يترك شيئاً يستطيع عليه من أسباب الفساد، وأعانه قوم من أهل تلك البلاد على الخلاف، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٨}[الصف]، فلم يلتف إليه، ولا ساعدوه إلى قود عسكر ولا غيره، وراح إسماعيل إلى صنعاء ولم يحفل به، فأقبل أهل البلاد طوعاً وكرهاً بعد مراحه.
  ووصل الأمير عماد الدين إلى حوث، وحضر الأمير صفي الدين محمد بن إبراهيم فأمرهما الإمام # بالنهوض في العسكر إلى نجران، وقد كان العسكر على أهبة، فنهض الجميع من حوث يوم الأحد، لاثنتين وعشرين ليلة خلت من شهر شوال، من سنة ست وتسعين، فاستمرت الخيل ليلها ونهارها
(١) بلاد الطرف: من مخلاف أقيان (شبام كوكبان)، وعزلة الطرف: ناحية صعفان قضاء حراز.