السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 587 - الجزء 1

  ضالة، فكلما رغا هدرت، وكلما شرب من الجهل سكرت، حتى بلغنا أنه أكل في غرة الشهر الكريم شهر رمضان - زاده الله على مرور الأيام شرفاً - فتبادروا إلى منازلهم يأكلون، وما عن دليلٍ يسألون، فاعجب فمهما عشت عاينت العجب.

  وقد علم الله سبحانه أنا ما قمنا أشراً ولا بطراً ولا رياء الناس، وإنما أردنا أن ندخل هذه الأمة في الألفة، ونفقأ عنها عين الفتنة، ونلبسها ثوب العافية، ونعلمها معالم الدين، ونهديها إلى سنة أبينا خاتم النبيين؛ فمن أجاب دعوتنا هذه العادلة غير الجائرة، الجامعة غير المفرقة، فهو منا له ما لنا وعليه ما علينا، ومن كره ذلك حاكمناه إلى الله سبحانه وحاربناه، واستعنا بالله عليه فغلبناه إن شاء الله.

  وما نحن نقاتل هذه الأمة إلا على تأويل كتاب الله كما قاتلهم أبونا رسول الله ÷ على تنزيله، لأنه حط بين الدفتين لا ينطق بلسان، ولا بد له من ترجمان، ونحن تراجمته وورثته، وعندنا معرفة غرائبه، وعلم عجائبه، وقد قال جدنا ÷ حيث قرنه بنا وقرننا به مخاطباً لأمته: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»، وقد أمرناكم بأن تؤذنوا بأذان رسول الله ÷، وتخطبوا بخطبة أهل بيت نبيكم، ثم شأنكم بعد ذلك وما اخترتم لأنفسكم، فإن فعلتم ذلك فأهلاً بالوفاق، وإن أبيتم فأذنوا بحرب من الله ورسوله، إن الله لا يحب الخائنين، ولتعلمن نبأه بعد حين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وكنا أبرياء من كل عقد لبعضكم أو لكلكم ومن كل منشور، وكان الله الناصر لأولى الفريقين بالحق، والسلام.

  وكتب لثلاث ليال خلون من ربيع الأول من سنة سبع وتسعين.