[كتاب الإمام # إلى طاشتكين]
  فنحن عباد الليل، وفرسان الخيل، لا نفارق ألويتنا، ولا نثني من هول البأس رؤوسنا، والله عز من قائل يقول {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[آل عمران: ٦٨]، وأبونا علي بن أبي طالب # أول المؤمنين معه، إيماناً، وأظهرهم معه برهاناً، رباه رسول الله ÷ في حجره، وأشركه في أمره، وكان بمنزلة الولد، فدعاه لإجلاله أخاً، وقال له «أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي»، فأثبت له جميع المنازل منها الخلافة في القوم، وما استثنى عليه غير النبوة.
  ولما قبض رسول الله ÷ جحدت الأمة - إلا القليل منها - حقه، واستأثرت بالأمر دونه، ورأت أنها أولى برسول الله ÷، وكان العباس ¥ يحرك منه، وقال (ابسط يدك أبايعك، فيقول الناس: عم رسول الله ÷ بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان)، فكره ذلك سلام الله عليه لحدة شوكة أهل الردة، فتنهدم قواعد الدين، لعلة الناصر والمعين، وقوة شياطين الملحدين، فتجرع أمرّمن العلقم، وصبر على آلم من حز الشفار، ثم صارت الخلافة إليه وهو أولى الناس بها، بعد أن اعتورتها الأيدي، فأوضح المنهاج، وقوّم الاعوجاج، وأثقب السراج، فراجعت قريش بلواها، وتابعت أشقاها، وبكت على قتلى ببدرها، وطلبت بوترها، فحطمها حطم الهرمة، وغصبها غصب السّلِمة(١)، حتى دبّت عقارب مكرها، واستجارت بالمصاحف من حربه، فوقع ما يطول شرحه، ولا يندمل قرحه،
(١) السلمة كفرحة: الحجارة أو المرأة الناعمة الأطراف.