السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 614 - الجزء 1

  وكان أولاد العباس ¥ وعنهم شركاءه في أمره، وخطباءه في نفعه وضره، فولاهم الأعمال، وركبوا بين يديه الأهوال، فكان عبد الله على البصرة، وقُثَم على مكة، وعبيد الله على اليمن، إلى أن تصرمت أيامه، ولاقاه حمامه، بيدي أشقى هذه الأمة كما عقر الناقة شقي ثمود.

  ثم قام بالأمر بعده سبط الرسول، وسلالة البتول، طاهر الذيل والرَّدَن، واسع الفضل والمنَن، أبو محمد الحسن، فخذله أنصارُه وأودادُه، وتفرق عنه أجنادُه، فسلم الأمر ببرهان مبين، وليعلم نبأه بعد حين، فمات مسموماً، وفارق الدنيا مغموماً.

  ثم قام بالأمر بعده، شقيقه الأمين، بقية النبيين، الذي لم يبق على وجه الأرض في وقته ابن بنت نبي سواه، فانتهزت الأمة فرصته، ولم تبلعْهُ غصته، فركبت الدهماء، وحالت بينه وبين الماء، وقتلته أشنع قتلة، ومثلت به أقبح مثلة، فاحمرت لذلك آفاق السماء، وقطرت كما صح لنا بالنقل الصحيح دماً.

  ثم جعلها بنو أمية سنة في هذه الذرية الزكية، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨}⁣[البروج: ٨]، فقتلوا زيداً، وابنه يحيى بن زيد، في مصابيح هدى كثيرة، وسَبُّوا خير الأمة على المنابر، وورثوه كابراً عن كابر، وورّث عداوةَ أهلِ هذه البيت الشريف الأولُ للآخر، {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ٤٤ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٥}⁣[الأنعام].

  ثم قامت الدعوة الهاشمية، وهي إلأى غير معين من السلالة المرضية، فقامت بها بنو العباس، على حين غفلة من الناس، حاشدة أنصارنا، ناقمة بزعمها ثأرنا، وهي كالآيسة أن يصير الأمر إليها، أو تجتمع الأمة عليها، لأن العباس ¥ لم يدعها في حياته، ولا قام بها عبد الله قدس الله روحه بعد