فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار
  خراسان والجيل وديلمان، وقصدت أولادُ إبراهيم جانب الأرض اليمان، ونزلت الحجاز أولادُ موسى وسليمان، ومع ذلك لم يخل منهم بلد من البلدان.
  وفي هذه الخلال، ومع عظم هذه الأهوال، لا تزال أيديهم إلى الحق داعية، وأعينهم للأمة راعية، وآذانهم للشكية واعية، يرى أحدهم جنود الأرض بشق عينه، ويقدم بعد التَّيَقُّنِ لموافاة حينه، يغبط آخرُهم أولَهم على درك الشهادة، وبلوغ الإرادة.
  نعم، وهذه الأمة عنهم نافرة، وبالشر إليهم طافرة؛ لمنعهم لهم عن ارتكاب المنكرات، وشرب المسكرات، قد نصبوا لهم باختيار أنفسهم إماماً لا يحلل حلالاً ولا يحرم حراماً، أجرّهم أرسانهم، ووسع ميدانهم، وإذا قام من هذه العترة الطاهرة من يدعو إلى الحق بعد الاستحقاق، تكاتب الأمراء والقواد، فقالوا بخروج خارجي على الإمام الهاد، فأوردوه الخيل في إثر الخيل، كالسيل يتلوه السيل، كالثيرة عاكصة قرونها، شاخصة عيونها، تسن لأولاد ابن نبيها شفار رماحها وشفارها، وتؤجج له نارها، حتى إذا سفكت بغير بصيرة دمه، واستباحت حرمه، واترت الرسل بالبشائر، ونشرت ذلك على كل باد وحاضر، وافتخرت به في المحاضر، وقرئ على المنابر، وأمست قلوبهم له جذلة، وقلوب أهل بيت نبيهم ÷ به وجلة، وهنأهم المهنئون بما لو كان رسول الله - صلى الله عليه - حياً لَعُزِّيَ به.
  نعم - أنعم الله عليك -، ثم قد دعونا دعوة جامعة غير مفرقة، عادلة غير جائرة، أجابها كل عاقل، والتزم بها الأفاضل، وهي دعوة محمد ÷ حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، إنما هي دعوة إلى طاعة الرضا من آل محمد ÷