فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار
  بالطاعة ولم تمتثل الأمر كنت فيما تعمل متعدياً عاصياً لله سبحانه، وإن أردت الصلاح، وقصدت إقامة الحق؛ لعدم الولاية، فتأمل هذه النكتة أشد التأمل، واستعن على ذلك بأهل الأحلام والحجا من أصحابك، وأهل المعونة والنصيحة من مظان حاشيتك، وزوارء غاشيتك.
  واعلم أنك إن ذللت لله سبحانه في الدنيا أعزك في الآخرة عزاً لا ذل بعده أبداً، وإن تعززت عليه في الدنيا أذلك في الآخرة ذلاً لا عز بعده أبداً، والآخرة أطول من الدنيا مدة، وأعظم في الراحة راحة وفي الشدة شدة، وما خير عزٍّ بعده الذل الدائم المقيم، والعذاب الشديد الأليم، وإذا كنت أنت تتواضع لصاحب بغداد ولأهل الشام، وأهل الشام بمنزلة مماليكك بعد العتق؛ بل مماليكك أرفع؛ لأن الصدقة تحرم عليهم تشريفاً لهم من الله وتعظيماً، والصدقة لا تحرم على أولئك، وصاحب بغداد وإن شاركنا في هاشم وقرابة العباس ¥ بالعمومة، فأبو طالب بعباس وهو أعظم الرجلين دفاعاً عن رسول الله ÷ ولنا ولك بعد ذلك عليه فضل علي # سيد الوصيين، وشرف فاطمة & سيدة نساء العالمين، وأبوة الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة أجمعين، وولادة رسول الله ÷ سيد الأولين والآخرين، مع طهارة الخلال، وشرف الآل، إلا أن يعتد معتد بالملك الزائل الذي لا يمنع عدمه من توسط بحبوحة الشرف، ولا يوجب حصوله توقل ذروة المجد، فالأمر فيه كما قال أبو فراس بن حمدان في قصيدته الميمية التي أجاب بها ابن سكرة عن قصيدة ذم فيها آل النبي - عليه وعليهم السلام - وفضل عليهم بني العباس بالملك، فقال فيها: