السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[جواب الإمام على مسائل محمد بن نشوان]

صفحة 69 - الجزء 1

  قال القاضي أيده الله: وصلت إلى الإمام # وأحببت أن أَخْبُرَ أمره، وآخذ في مبلغه من العلم سِرَّه، وكنت أحفظ مسائل من غوامض الشرع منها ما أعرف جوابه بعد عناية شديدة، ومنها ما لا أعرف له أثرًا ولا أحفظ فيه جوابًا، وأعطاني الصنو محمد بن نشوان مسائل قد وقعها في قرطاس من غوامض الشرع، فجعلت أسأل الإمام # عنها مسألة مسألة في مواقف متفرقة، وهو لا يعلم أني ممتحن له، فيجيب عن ذلك بالجواب الصحيح الذي قد عنيت في طلبه مدة طويلة، ويحتج عليه من الكتاب والسنة بما يؤيده، هذا فيما عرفتُ من جواب المسائل، وما لم أعرف أفادني فيه، وجعلت أتعرض لبعض الجواب لتحصيل الفائدة مقررة فيوضح ما أشكل علي أوفى ما يكون وأبلغه.

  قال: فألفيت ضالتي التي أضللت، ورجائي الذي أمَّلت، وقفت ذلك قدر ثمانية أشهر مواظبًا على مجالسته، محافظًا على مراجعته، فما مر يوم إلا وهو يُسأل فيه عن مسائل جمة منها ما هو امتحان واختبار، ومنها ما يطلب فيه الفائدة في وقت خلو الخاطر واشتغاله، فما يعرض عن سائل، ولا يستنظر بجواب، ولقد رأيته يجيب عن مسائل من علم الكلام وأصول الفقه - والناس محيطون به في حصن كوكبان⁣(⁣١) لقضاء الحوائج الخاصة والعامة - وهو يكتب جواب تلك المسائل كتابةَ مسترسلٍ غير متوقفٍ فيه، ووجدته فارسًا في غوامض العلوم لا يجارى، وسابقًا مبرزًا في الفنون لا يمارى، بالغًا مبلغه في علم الكلام وأصول الفقه وحفظ الشريعة، وفنون الفصاحة والأدب والنحو واللغة، وحفظ


(١) كوكبان: حصن مشهور، مطل على شبام كوكبان، في الغرب الشمالي من صنعاء.