[قصة في عفو الإمام وسماحته]
  وتقدم العسكر إلى خَشران(١)، وأقبلت العساكر من جنب ومن جهات المغرب باقي ذلك اليوم واليوم الثاني، فاجتمع خلق كثير من بلاد مذحج وعنس وزبيد وغيرهم، حتى غصت المحطة من كثرة الناس.
[قصة في عفو الإمام وسماحته]
  وأتى الإمام # غلام كان يتولى خدمته في طهوره وشربه وحفظ ما يحصل من المال، وكان معه ألف دينار فأخبره بأنها ضاعت، وكان # يحدث أصحابه فاستمر في حديثه، ولم يقطع خاطره، ولا اهتم به كل الاهتمام، هذا مع شدة الحاجة إلى الدرهم الفرد وسعة المطالب، وما كان معه شيء سوى تلك الدنانير، واشتد تعب الغلام فأمر إليه بأن يهون على نفسه ففي الله الخلف عن كل فائت، فعجب الحاضرون لصبره وعفوه واتساعه في تلك الحال.
  وبلغ الخبر إلى شهاب بقرب الإمام وعسكره فأراد نقض أمر أبرمه الله، وكان تدميره في تدبيره، فخرج في مائتي فارس تنقص قليلاً يريد صنعاء وتفريق جمع المحطة، فلحقه السلطان جكو بن محمد بمن معه بغير رأي الإمام ولا مشورته، واضطربت المحطة بأهلها، وكاد الناس يقع بعضهم في بعض حتى علموا باستقرار الإمام #، ثم ركب بعد ذلك في أثر السلطان، وأمر الناس بالوقوف فقال له: (إن القوم قد أعملوا المكيدة في تفريق العسكر، والصواب الرجوع، وقصد القوم الباقين في ذمار)، فقال: إني أخاف على صنعاء، فقال له الإمام
(١) خشران: قرية من قرى جهران جنوب معبر.