التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير 41}

صفحة 2935 - الجزء 4

  والثاني: الخراج ويجري مجرى الفيء؛ لأن الأرض إذا كانت خراجية فاشتراها مسلم لا يسقط عنها الخراج، ولا يجب العشر عند أبي حنيفة، وعند الشافعي يجب.

  فأما المأخوذ من الكفار: فثلاثة أنواع: الفيء، والأنفال، والغنيمة، وقيل: الكل واحد، وقيل: الفيء والغنيمة واحد، وهذه الآية نسخت آية سورة الحشر، عن قتادة، والصحيح عندنا أنها متغايرة وهو مذهب عطاء بن السائب وسفيان وأبي حنيفة والشافعي. والأنفال ثابت، وهو أن يقول الإمام: من قتل قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا، وذلك يكون قبل إحراز الغنيمة، فأما بعده فليس له ذلك عند أبي حنيفة، وقال الهادي: له ذلك.

  وأما الفيء ما صار للمسلمين من مال أهل الحرب من غير قتال، وهو المراد بقوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} فأضافه إلى الرسول كما أضاف الغنائم إلى الغانمين، فأربعة أخماسه للرسول، والخمس يصرف إلى أهل الخمس، ومن ذلك الخراج والجزية.

  وقال أبو يوسف: الفيء عندنا هو الخراج، وهذا صحيح؛ لأنه مما يصل إلى المسلمين من غير قتال فحكمه حكم الفيء، فكذلك ما صولح عليه أهل الحرب، وكذلك ما اكتسبه المرتد في حال ردته، ثم قتل أو توفي، فأما ما اكتسبه قبل الردة فهو ميراث لورثته المسلمين، وعند الشافعي هو فيء.

  وقال أبو يوسف ومحمد: ما اكتسبه في حال الردة ميراث أيضًا.

  فأما المال الذي لا مالك له فيصرف إلى مصالح المسلمين فجرى مجرى الفيء، وموضع الفيء بيت مال المسلمين ومصرفه في مصالحهم والمتصرف فيه الإمام.