التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير 72 والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير 73 والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم 74 والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم 75}

صفحة 3015 - الجزء 4

  وقيل: ذكر العلماء في ذلك وجوها:

  منها: أنه لم ينزل على رأس سورة براءة التسمية؛ لأن «بسم اللَّه» للأمان والرحمة، ونزلت الآيات لرفع الأمان والسيف، عن علي، وسفيان بن عيينة، وأبي العباس.

  ومنها: أنهما ضمتا للمقاربة؛ لأن الأنفال في ذكر العهود عن أُبَيٍّ بن كعب.

  ومنها: لأن آخر الأنفال إيجاب الموالاة بالإيمان والهجرة، وأول براءة ذكر البراءة من المشركين فقطعت تلك الولاء، فكان آخر الأنفال كالابتداء، وأول البراءة كالخبر، وككلام واحد فلم ينزل بينهما فصل بالتسمية.

  ومنها: أن قصة السورتين يشبه بعضها بعضًا، وكانتا تدعيان القرينتين.

  ومنها: قال سعيد بن المسيب: هما سورة واحدة. وليس بشيء؛ لأن النقل المستفيض أنهما سورتان.

  ومنها: ما روي أن ابن عباس سأل عثمان: فقال ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما،