قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم 34 يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون 35}
  وليس بابتداء عقوبة «فَذُوقُوا» احتملوا وباله، وقيل: ذوقوا عذاب اللَّه بما كنتم تكنزون، فحذف لدلالة الكلام عليه «مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» تجمعون وتمنعون حق اللَّه فيه.
  · الأحكام: تدل الآية على تحريم أخذ الرشا في الدين فتدخل فيه الأحكام والشهادات والفتاوى وأصول الدين وفروعه، وكل من حَرَّفَ شيئًا لعرض الدنيا دخل فيه الوعيد.
  وتدل على أن إظهار النسك والعلم لا يوجب إباحة التقليد لجواز أنه أقدم على ما لا يحل كأولئك.
  وتدل على أن من منع واجبًا كالزكاة والنفقات والكفارات والحج ونحوها استحق الوعيد؛ لأن كل ذلك نفقة في سبيل اللَّه، والكل سواء في الوجوب.
  وتدل على وعيد أهل القبلة خلاف من قال من المرجئة أن لا وعيد لأهل الصلاة.
  وتدل على أنهم يعذبون بأموالهم نفسها وذلك أعظم في التحذير.
  وروى أبو علي | خبرًا أن أصحاب المواشي إذا لم يؤدوا زكاتها عذبوا بها، وكذلك صاحب الذهب والفضة.
  وتدل على أنهم مع ما ينالهم من العذاب والخوف يوبخون ويُعَيَّرُون، ليزادوا حسرة إلى حسرة وغمَّا إلى غم.