قوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين 36}
  قلنا: لما ذكر وعيد الظالم لنفسه وكنز المال من غير إخراج حق اللَّه اقتضى النهي عن مثل حاله بالظلم في الأشهر الحرم الذي يؤدي إلى مثل منزلته وشر منها عن علي بن عيسى.
  وقيل: لما ذكر سوء صنعتهم في التحليل والتحريم اتصل به ذكر ما صنعوا في الشهور والسنين.
  · المعنى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ» أي: عدة شهور السنة «عِنْدَ اللَّهِ» أي: في حكمه وتقديره «اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا» ليوافق أمر الأهلة. بزوال الشمس في الاثني عشر برجًا، فجرت على حساب متفق، وهذه اثنا عشر أولها محرم، سمي بذلك؛ لتحريم القتال فيه، ثم صفر قيل: لأن مكة تصفر من الناس أي: تخلو، وقيل: وقعت فيها علة فاصفرت ألوانهم فسميت بذلك، وقيل: صفرت أوطانهم من اللبن، عن أبي عبيدة. ثم ربيع الأول وربيع الآخر لما ينبت من النبات وتزيين الأرض بها، وقيل: لارتباع القوم إقامتهم، ثم جمادى وجمادى لجمود المياه فيها، ثم رجب لأنهم يرجبونه؛ أي: يعظمونه، وقيل: لترك القتال فيه من قولهم: رجل أرجب إذا كان أقطع لا يمكنه العمل، ثم شعبان لتشعب القتال فيه، وقيل: لأنه يتشعب فيه خير كثير