التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون 58 ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون 59 إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم 60}

صفحة 3163 - الجزء 4

  مَسَاكيُن أَهْلُ الْحُبِّ حتى قبورهُمْ ... عليها تُرابُ الذُّلِّ بَيْنَ المَقَابِرِ

  «وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا» قيل: السعاة وجباة الصدقة، عن الزهري، وابن زيد، والمفسرين، ويعطون أغنياء كانوا أو فقراء، واختلفوا في قدر ما يعطون، قيل: لهم سهم وهو الثُّمُنُ، عن الضحاك. وقيل: يعطون على قدر عمالتهم عن عبد اللَّه بن عمر، والحسن، وابن زيد، وبه قال أبو حنيفة، وهو قول الهادي #.

  وقيل: يعطون على قدر ما يراه الإمام عن مالك.

  «وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» قيل: كانوا قومًا من الأشراف أعطاهم رسول اللَّه ÷ ليتألفهم على الإسلام استصلاحا كأبي سفيان بن حرب وابنه معاوية، وسهيل بن عمرو، وغيرهم، ثم اختلفوا، فقيل: كانوا مسلمين أعطاهم ذلك عن ابن عباس، والزهري. وقيل: قوم من أهل الحرب تألفهم ليكفوا عن حربه، عن الأصم، وقيل: قوم من الأعراب أعطاهم ليؤمنوا، عن قتادة. قيل: هم الأشراف من الأحياء أعطاهم يوم حنين ليحسن إسلامهم، عن الكلبي، ويحيى بن كثير، وهو الأصح.

  ثم اختلفوا في هذا السهم: بعده في كل زمان؟ فقيل: لا، بل كانوا على عهد رسول اللَّه خاصة ثم سقط واللَّه تعالى أعز الإسلام وقهر الشرك عن عمر، وعثمان، وعلي، والحسن، وعامر، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.

  وقيل: بل هو ثابت في كل زمان عن أبي جعفر، وأبي علي، والشافعي، قال الشافعي: هو على ثلاثة أضرب: