قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}
  فرفع (كَيْدُ) لأنه خبر (إنَّ)، وإن جعلتها شيئاً واحداً فتكون للتأكيد، وتقع الصنعة على الكيد فينصب، وقيل: يجوز فيه النصب على أن تكون (ما) كافة لعمل (إنَّ) كقولك: إنما ضربت زيداً، كقوله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا}[العنكبوت: ١٧].
  «عِصِي» فعول، كأن عصا فَعَلَ، وأصله عصوو فقلبت الواو الأخيرة [ياء]، ثم أدغمت الواو في الياء بعدما قلبت الواو ياء فصارت ثقيلة، ثم كسرت العين لانكسار الصاد، وفَعَل وفُعُول مثل أَسَدٍ وأُسُودٍ.
  · المعنى: ثم بين تعالى ما جري بين الفريقين، فقال سبحانه: «قَالُوا» يعني السحرة «يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ. تُلْقِيَ» عصاك من يدك «وَإمَّا أَنْ نَكُونَ» نحن «أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى» عصاه وحبله، وإنما قالوا ذلك إيهاماً بأن الغلبة لهم، وقيل: كان بَلَغَهُمْ خبر العصا أنها تنقلب مرة حية ومرة عصا، عن أبي مسلم. وقيل: كان يجمع القوم: فرعون وجنوده في ناحية والعوام في ناحية، وموسى وهارون في ناحية، عن أبي علي. «قَال» موسى «بَلْ أَلْقُوا» أنتم، وليس هذا بأمر وإنما هو على معنى الخبر بأن من كان إلقاؤه حجة فَلْيُلْقِ، عن أبي علي. وقيل: هذا أمر بالإلقاء على وجه الاعتبار لا على وجه الأمر فَإِذَا حِبَالُهُمْ فيه حذف، كأنه قيل: فألقوا فإذا حبالهم «وَعِصِيُّهُمْ».