قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي 96 قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا 97 إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما 98}
  فيقولون هذا القول تقليلاً، وقيل: يذهب عنهم طول لبثهم في قبورهم كأنهم كانوا نياماً فانتبهوا.
  ومتى قيل: كيف قالوا ذلك وعندكم لا يكذبون في الآخرة؟
  فجوابنا: فيه قولان:
  أولهما: قالوه تقليلاً، ولم يريدوا العدد، كمن يقول لمن أصابه محنة لأمر سبق منه: هذا جزاء يوم أو يومين.
  وثانيهما: أنه أراد في ظننا.
  «نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً» قيل: أشبههم طريقة بأهل العقل، فكأنه قيل: أوفرهم عقلاً وأصوبهم رأياً «إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا» قيل: قصر ذلك في أعينهم لما عاينوا العذاب، وقيل: إلا يوماً بعد انقطاع عذاب القبر عنهم، عن أبي علي.
  ثم بيّن أن منكري البعث يسألونك عند ذكر القيامة عن الجبال ما حالها، فقال سبحانه: «وَيَسْأَلُونَكَ» قيل: سئل عنها، وقيل: لم يُسْأَلْ بعد، ولكن بين تعالى أنه متى سُئِلَ يَجبُ أن يقول: «فَقُلْ» يا محمد «يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا» قيل: يجعلها كالرمل ثم يرسل عليَها الرياح فتفرقها كتذرية الطعام من القشور والتراب، ولا يبقي على الأرض منه شيء، وقيل: يقلعها ثم يذريها «فَيَذَرُهَا» أي: يدع الأرض، كناية عن غير مذكور، كقوله تعالى {مَّا تَرَكَ عَلَىها مِن دَآبَّةٍ}[النحل: ٦١] عن أبي مسلم.
  وقيل: أراد مكان الجبال، أي: يترك موضعها، عن أبي علي. فإنه يظهر عند