قوله تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم 1 يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد 2 ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد 3 كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير 4 ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج 5}
  «وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ» قيل: أخبثه عند أهله وأحقره، وقيل: هو الهرم والخَرَفُ «لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَّعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا» يعني يصير إلى حال يعدم عقله أو تذهب عنه علومه هرماً، فلا يعلم شيئاً مما كان علمه، وإذا ذهب أكثره جاز أن يطلق ذلك.
  ثم ذكر دليلاً آخر فقال سبحانه: «وَتَرَى الأرضَ هَامِدَةً» يابسة دارسة من أثر النبات «فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ» وهو المطر «اهْتَزَّتْ» تحركت بالنبات «وَرَبَتْ» زادت بمجيء الغيث «وَأَنْبَتَتْ» يعني الأرض «مِنْ كُلِّ زَوْجٍ» صنف من النبات «بَهِيجٍ» حسن الصورة والمنظر واللون.
  · الأحكام: أول الآية يدل على الوعيد بذكر القيامة وأهوالها، والترغيب في التقوى التي بها النجاة من أهوالها.
  ويدل على أن تلك الأهوال لا تَنَالُ من يستحق الثواب، وإنما تنال من يستحق العقاب، خلاف ما قاله بعضهم.
  ومتى قيل: أيخشون من تلك الزلازل؟
  قلنا: قد أعلمهم اللَّه وأَمَّنَهُمْ، فلا غم عليهم؛ بل يزيدهم ذلك سرورًا.
  ويدل قوله: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} على إثبات المجاز في القرآن.
  ويدل قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ} على أن الجدال في الباطل مذموم، وأن الواجب اتباع العلم، فيبطل التقليد، وقول من يقول: إن المعارف ضرورية.
  وتدل على أن اتباع المبطل قبيح؛ لأنها داعية إلى الباطل.