قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم 52 ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد 53 وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54 ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم 55}
  الْأُخْرَى}[النجم: ١٩ - ٢٠] ألقى الشيطان في تلاوته: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجى، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، ومحمد بن كعب وغيرهم. وهذا الخبر إن صح فمحمول على أنه كان يتلو القرآن، فلما بلغ إلى هذا الموضع، وذكر اسم آلهتهم، وقد علموا من عادته في ذلك أنه يعيبها، قال بعض من حضر من الكفار: تلك الغرانيق العلا، وألقى ذلك في تلاوته، توهم أنه من القرآن، وأضافه إلى الشيطان؛ لأنه بإغوائه ووسوسته حصل، هكذا ذكره الناصر للحق الحسن بن علي (كرّم اللَّه وجهه).
  وقال شيخنا أبو علي |: إنما جاز ذلك الغلط عليه على سبيل السهو الذي لا يخلو منه بشر، بأن يخرج من سورة إلى سورة لمكان المشابهة، وأنكر ما ترويه الحشوية أن رسول اللَّه ÷ قال ذلك حتى نزل جبريل وقال: ما أنزل اللَّه عليك هذا، وأنه سجد وسجد المؤمنون والكافرون في سجدة السورة إلا شيخاً في حديث طويل هذا عمدته.
  وتدل على أن الواحد منا لا يغلط مثل هذا الغلط، وإنما يغلط في المتشابه، ومن أصحابنا من قال: إن الخبر غير صحيح على ما رواه، وأن ذلك من دسيس