التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال 36 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار 37 ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب 38 والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب 39 أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور 40}

صفحة 5211 - الجزء 7

  بناها رسول اللَّه ÷، وقيل: «هي بيوت الأنبياء»، روي ذلك مرفوعاً، وقيل: هي بيوت النبي، ÷، عن الصادق، وقيل: هي بيوت المدينة، عن السدي، وقيل: هي البيوت كلها، والأول الوجه، وعليه أكثر المفسرين، «أَذِنَ اللَّهُ» أمر «أَنْ تُرْفَعَ» قيل: تبنى، عن مجاهد، أن ترفع بالبناء كقوله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ}⁣[البقرة: ١٢٧] وقيل: تُعَظَّم، عن الحسن؛ لأنها مواضع الصلوات، وقيل: تصان عن النجاسات وهو ما لا يجوز من المعاصي وأعمال الدنيا، وقيل: يتلى فيها كتابه، عن ابن عباس. «وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» بتلاوة القرآن والتسبيح ونحوهما «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ» قيل: يصلى فيها بالغداة والعشي، عن ابن عباس، والحسن، والضحاك، قال ابن عباس: كل تسبيح في القرآن صلاة، وقال أيضاً: في القرآن صلاة الضحى، وما يعوض عليها من الأعواض، وهو قوله: «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ»، وقيل: هي الصلاة المكتوبة، بالغداة: صلاة الفجر، والباقي بالعشي؛ لأن اسم الأصيل يجمعها، وقيل: التسبيح التنزيه لله عما لا يجوز عليه، ووصفه