التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم 21 ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير 22 ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور 23 أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور 24 وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون 25}

صفحة 6240 - الجزء 9

  · النظم: يقال: بم يتصل قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ

  قلنا: فيه وجوه:

  قيل: لما تقدم أنه شرع له ولأمته الدين، وهو التوحيد والعدل، عقبه بتوبيخهم على ما هم عليه، فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ} يعني هل لهَؤُلَاءِ آلهة شرعوا لهم دينًا مخالفًا لهذا الدين الذي شرعه الله لكم.

  وقيل: تقديره: هل يقبلون منك ما شرع الله لك أم لهم شركاء يشرعون لهم.

  وقيل: لما تقدم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ} الآية، قال: إذا كان هذا هكذا وهو دينك المشروع، أفهكذا عندهم أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين غير هذا؟ عن أبي مسلم.

  · المعنى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} أي: هل لهم آلهة، يعني الأصنام، وقيل: أراد علماء السوء، أي: هم شركاء لله في الحكم، وقيل: هو استفهام والمراد به الإنكار، يعني لم يشرعوا دينًا، فكيف تخالفون ما شرع الله تعالى لكم «شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ» بينوا ونهجوا وأظهروا «مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ» قيل: لم يَعْلَمْهُ اللَّه، يعني أنه مجهول لا دلالة عليه؛ إذ لو كان لَعَلِمَهُ تعالى، وقيل: لم يأمر الله به «وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ» قيل: لولا وَعْدُ الله القضاء بتبقيتهم إلى مدة «لَقُضِيَ بَينَهُمْ» بعذاب يعاجلهم، استحقوه بكفرهم،