التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {نحن خلقناكم فلولا تصدقون 57 أفرأيتم ما تمنون 58 أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون 59 نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين 60 على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون 61 ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون 62 أفرأيتم ما تحرثون 63 أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون 64 لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون 65 إنا لمغرمون 66 بل نحن محرومون 67 أفرأيتم الماء الذي تشربون 68 أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون 69 لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون 70 أفرأيتم النار التي تورون 71 أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون 72 نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين 73 فسبح باسم ربك العظيم 74}

صفحة 6761 - الجزء 9

  بِمَسْبُوقِينَ» في تدبيرنا، فيخرج عنه بفوتنا، وقيل: عاجزين عن إهلاككم، وقيل: على أن نبلغكم من حال إلى حال، من نطفة وعلقة ومضغة «عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ» أي: نهلككم وننشئ قومًا آخرين مثلكم، وقيل: (على) بمعنى اللام، أي: قدرنا الموت لنبدل أمثالكم، عن أبي علي، وحروف الصفات تتبادل «وَنُنْشِئَكُمْ» نخلقكم «فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ» قيل: في النشأة الثانية من حيث لا تعلمون كيف كان، وإن علمتم النشأة الأولى كيف كانت، وقيل: من الهيئات والصور؛ لأن المؤمن يعاد في أحسن الصور، والكافر في أقبح الصور، وقيل: ننشئكم بصورة القردة والخنازير، عن الحسن، وقيل: نستأصلكم بالعذاب، وننشئكم في الآخرة على وجه آخر سوى ذلك، ولكن لا تعلمون، عن السدي، وقيل: ننشئكم فيما لا تعلمون من التنقل من حال إلى حال، نحو كونه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، وقيل: في أي خَلْقٍ شاء، عن مجاهد. «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى» يعني الخلقة الأولى، وهي خلقه الأشياء عن عدم «فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ» أي: هلا تذكرون أنه قادر على إعادتكم، كما قدر على إيجادكم ابتداء «أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ» أي: تثيرون الأرض، وتلقون البذر «أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ» تنبتونه «أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ» المنبتون، فإذا عجزتم عن ذلك فاعلموا أنه تعالى ينبته، وأطلق اسم الزرع على الإنبات توسعًا، وقيل: تزرعونه تجعلونه زرعًا «لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا» أي: هشيمًا متكسرًا، لا ينتفع به، وقيل: تبنًا لا حبَّ

  فيه «فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ» قيل: تعجبون، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وقيل: تندمون على ما سلف منكم من معصية الله التي أوجبت عقابكم بما نالكم، وقيل: تندمون على نفقاتكم، عن يمان، وقيل: تلاومون، عن عكرمة، وقيل: تحزنون، عن ابن كيسان، قال: وهو من الأضداد، تقول العرب: تفكهت: تنعمت، وتفكهت: حزنت، وقيل: فيه تقديم وتأخير، والتفكه: النشاط والمرح، تقديره: أفرأيتم ما تحرثون، وظلتم به تفرحون وتمرحون، أنتم جعلتموه زرعا، فأشار إلى