قوله تعالى: {نحن خلقناكم فلولا تصدقون 57 أفرأيتم ما تمنون 58 أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون 59 نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين 60 على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون 61 ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون 62 أفرأيتم ما تحرثون 63 أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون 64 لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون 65 إنا لمغرمون 66 بل نحن محرومون 67 أفرأيتم الماء الذي تشربون 68 أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون 69 لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون 70 أفرأيتم النار التي تورون 71 أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون 72 نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين 73 فسبح باسم ربك العظيم 74}
  أنه إذا قدر على تنقل الخلق من حال إلى حال قدر على الإعادة، وإذا استقام الكلام من غير تقديم وتأخير لم يصح حمله عليه «إِنَّا لَمُغْرَمُونَ» أي: وتقولون: إنا لمغرمون وهو الذي ذهب ماله، عن أبي علي، وقيل: غرمنا النفقة التي أنفقناها عليها، عن الضحاك، وابن كيسان، وقيل: لمؤلم لنا، عن مجاهد، وعكرمة، وقيل: معذبون، عن ابن عباس، وقتادة، والغرام العذاب، وقيل: لمهلكون، عن مقاتل، وقيل: محاسبون، عن مرة الهمداني، وقيل: محرمون من الحظ، عن مجاهد. «بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ» ممنوعون من الرزق والخير، وقيل: حرمنا المنفعة بما أنفقنا وعملنا «أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ» قيل: من السحاب، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. «أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ» فإذا لم تقدروا على إنزاله فاعلموا أن له منزلاً غيركم «لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا» قيل: شديد الملوحة، عن ابن عباس، وقيل: مُرًّا شديد المرارة، عن الحسن، والزجاج، «فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ» أي: هلا تشكرون على إنزاله عذبًا تلتذون بشربه «أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ» تقدحون وتستخرجونها من زندكم، أي: تظهرونها بالإيراء «أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا» أي: أنتم خلقتم الشجرة التي تأجج بها النار وتوقد، عن أبي علي، وقيل: هو خشب يحك بعضه ببعض، فيخرج منه النار، عن الزجاج، وقيل: هو المَرْخَ والعَفارُ، ومنه الحديث: «كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار»، «أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ» المخترعون «نَحْنُ جَعَلْنَاهَا» يعني نار الدنيا «تَذْكِرَةً» للنار الكبرى نار جهنم، عن مجاهد، وقتادة، وأبي علي. وقيل: تذكرة لنعمه وقدرته على ما يشاء «وَمَتَاعًا» بُلْغَةً ومنفعة «لِلْمُقْوِينَ» قيل: للمسافرين، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، يعني النازلين بالأرض المقفرة، وقيل: منفعة للناس، كلهم يستضيء بها، ويصطلي ويطبخ بها، ويتذكر بها نار جهنم، عن