التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير 234}

صفحة 949 - الجزء 2

  تخالفوا أمره «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ» ولمغفرته لعباده لم يعاقبهم، ولحلمه تجاوز عنهم، والحلم ألا يعجل بالعقوبة، فالمغفرة إزالة العقوبة، والحلم تأخير العقاب.

  · الأحكام: الآية تدل على إباحة التعريض بالنكاح في العدة؛ لأن بعد العدة يجوز التصريح والعقد؛ ولذلك قال تعالى: «حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ».

  ويقال: هل يحل التعريض في كل عدة؟

  قلنا: لا يحل بالرجعية، ويحل فيما عداه.

  وتدل على تحريم النكاح في العدة، وأنه يكون فاسدا، فإن دخل بها فلها المهر، وعليها العدة، ويثبت النسب، وفيه التعزير.

  واختلفوا في صداقها، فقيل: لبيت المال عن عمر، وقيل: لها عن علي #، ثم رجع عمر إلى قول علي #، وعليه الفقهاء؛ لأنه بدل الوطء، كقيم المتلفات، وأروش الجنايات.

  وتدل على أن المرء مأخوذ بأفعال قلبه، فلذلك نفى الجناح في الإكنان.

  وتدل على أن الحلم من صفات اللَّه تعالى، ثم اختلفوا، فقيل: الحلم هو من فعل اللَّه يضاد العقاب والانتقام، فإذا فعل حتى تأخر العقاب كان حليمًا، عن أبي مسلم، وقيل: معناه أن لا يفعل العقاب المستحق، ويؤخره، ولا يفيد فعلاً، عن أبى هاشم.

  {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ٢٣٦}