قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير 234}
  ونصب «حقًّا» قيل: على الحال من «بالْمَعْرُوفِ حَقًّا» والعامل على تقدير عرف حقا، وقيل: على التأكيد لجملة الخبر كأنه قيل: أخبركم به حقًّا، وأحقه حقًّا.
  · النزول: نزلت الآية في رجل من الأنصار، تزوج امرأة من بني حنيفة، ولم يسم لها مهرًا.
  ثم طلقها قبل أن يمسها، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فقال رسول اللَّه ÷: «متعها ولو بقلنسوتك».
  · المعنى: لما تقدم ذكر المطلقة المدخول بها وعدتها، وإيتاء المفروض بين حكم الطلاق، وبين الفرض والمسيس فقال تعالى: «لاَ جُنَاحَ عَلَيكُمْ» أي لا حرج عليكم، ولا مأثم «إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ» قبل أن تمسوهن، والمس كناية عن الوطء ثم الخلوة تقوم مقام الوطء عند أهل العراق في تأكيد المهر والعدة، وقال الشافعي: لا تقوم «أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً» أي لم توجبوا ولم تقدروا لهن مهرًا مقدرًا.
  ومتى قيل: لم خص برفع الجناح غير المدخول بها، وحكمها والمدخول بها سواء؟
  قلنا: فيه وجوه: قيل: لإزالة الحرج على هذا المطلق، وقيل: لأن له أن يطلق أي وقت شاء بخلاف المدخول بها، فإنه لا يجوز أن يطلق إلا في طهر لم يجامعها فيه، وذلك لما لم يكن بينهما التقاء وصحبة لم تنعقد من الحرمة، ولم يثبت من الألفة ما يقتضي الندامة عند الفرقة أو الفتنة فأطلق ذلك، وقيل: إنه لا عدة عليها، فلا يمكن مراعاة السنة والبدعة فيه، وقيل: لا سبيل عليكم لهن في هذا الموضع بمهر