قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير 234}
  وتدل على أن المطلقة قبل الفرض والمسيس لها المتعة، وفيه إجماع، ثم اختلفوا فقيل: المتعة لكل مطلقة عن الحسن والشافعي، وقيل: لهذه المطلقة فقط، عن سعيد بن المسيب ومجاهد وأبي حنيفة وأصحابه.
  وتدل على وجوب المتعة؛ لأنه أوجب عليه حد وجوب النفقة؛ ولأن كلمة (على) تفيد الوجوب؛ ولأنها فرق بين الموسر والمعسر، وذلك يكون في الواجبات، ولهذا قال أبو حنيفة: يجبره عليها السلطان خلاف ما قاله شريح ومالك: إنها مستحبة، قال أبو حنيفة: المتعة متعتان، واجبة كهذه، ومستحبة لكل مطلقة.
  وتدل على جواز الاجتهاد في الأحكام الشرعية؛ لأنه وَكَّلَ ذلك إلى اجتهادنا، ثم قال: «بِالْمَعْرُوفِ» وذلك أيضًا يعرف بالاجتهاد فهو كالنفقة المفروضة إلى الاجتهاد.
  وتدل على أن المتعة تجب بالطلاق، بشرط عدم الفرض والمسيس، وإن كان لا بد من تقدم عقد؛ لأنه عند الطلاق تجب المتعة، وقيل: بالطلاق يجب شيء آخر ولا تجب المتعة ولهذا قال أبو حنيفة: إذا رهن بمهر المثل ثم طلقها قبل الفرض والمسيس أنه لا يكون رهنًا بالمتعة؛ لأنه دين آخر لم يرهن به قال أبو يوسف: يكون رهنًا به.
  وتدل على أن المتعة تختلف باليسار والإعسار، ثم اختلفوا فمنهم من يعتبر حالهما جميعًا، وهو اختيار القاضي كالنفقة ومهر المثل، ومنهم من يعتبر حاله، عن أبى حنيفة وأصحابه، قال أبو بكر الرازي في المتعة: يعتبر حاله، وفي مهر المثل يعتبر حالهما، وكذلك في النفقة، واستدل أبو بكر بظاهر قوله: «عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ» قال القاضي: وقوله: «بِالْمَعْرُوفِ» يدل على اعتبار حالهما؛ لأنه ليس من المعروف أن يسوى بين الشريفة والوضيعة.
  واختلفوا في قدر المتعة فقيل: خادم أو كسوة أو رزق، على قدر الممتع، عن ابن عباس والشعبي والربيع، وقيل: أفضله خادم، وأوضعه ثوب، عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن، وقيل: درع وخمار وملحفة وجلباب، عن الشعبي، وقيل: ثلاثين درهمًا، عن ابن عمر، وقيل: قدر النصف من مهر مثلها، عن أبي حنيفة