ومن سورة الأنبياء
  وجلده، وذهبت قوته، فرد الله عليه جسمه على ما كان عليه أولا، من تمام صورته، وحسن تقويمه، وأنبت الله له شجرة اليقطين - وهي الدبا - فكان يأكلها، فلما اشتدت قوته، واطمأن من خوفه وإشفاقه، أرسله الله إلى قومه، وكانوا في ثلاث قرى، فمضى إلى أول قرية فدعاهم إلى الله وإلى دينه، فأجابه نصفهم أو أكثر من النصف، وعصاه الباقون فسار بمن أطاعه إلى العصاة لأمره، فحملهم عليهم وقاتلهم فقتلهم وأبادهم، ثم سار إلى القرية الثانية فدعا أهلها وأعذر إليهم وأنذرهم، فأجابه منهم طائفة، فحمل المطيع على العاصي فقتلهم وأبادهم، ثم سار إلى القرية الثالثة، وكانت أعظم القرى وأشدها بأسا ومنعة، فدعاهم إلى الله وأعذر إليهم و أنذرهم وحذرهم ما حل بإخوانهم، فلم يجبه منهم أحد و استعصموا على كفرهم، فسار إليهم وخرجوا إليه، فحاربهم فلم يقدر عليهم، فلما كان بعد وقت، وعلم الله منه الصبر على ما أمره به من طاعته، والإعذار إلى خلقه، أمر الله جبريل ~ فطرح بينهم نارا، ثم أرسل الله الرياح فأذرت النار عليهم، وعلى منازلهم ورجالهم، فأحرقتهم جميعا ودمرتهم، فهذا ما سألت عنه من خبر يونس #.
  ١٥٠ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ١٢ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ١٣}[الأنبياء: ١٢ - ١٣]؟
  فقال: هذا إخبار من الله بما كان من الكافرين المجترءين عليه، عند نزول