تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأنبياء

صفحة 324 - الجزء 1

  عن عبادته، وهي: عن طاعته، وذلك قوله سبحانه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٦٠ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٦١}⁣[يس: ٦٠ - ٦١]. والشيطان - لعنه الله - لم يعبده أحد من الناس عبادة ربوبية، وإنما عبادتهم له فيما نهاهم الله عنه في الطاعة له فيما يأمرهم به ويوسوس لهم، وكذلك معنى قول الله سبحانه هاهنا: {وَأَنِ اعْبُدُونِي} يريد: أطيعوني ولا تطيعوا إبليس اللعين. فهذا معنى قوله، وما سألت عنه من قول الله {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ٩٨}⁣[الأنبياء: ٩٨].

  ١٥٣ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ١٠١}⁣[الأنبياء: ١٠١]؟

  (معنى قوله سبحانه: {سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} هو: وجب لهم منا الحكم بالحسنى في دار الدنيا، وتقدم لهم منا في حياتهم الدنيا وجوب الوعد بالحسنى، والحسنى: فهي الثواب والرحمة، ووجوب المغفرة، ورفع الدرجة، {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ١٠١}، يخبر أن هؤلاء الذين قد وجب لهم من الله في الدنيا ما وجب من الحسنى عنها مبعدون، وهي النار نعوذ بالله من النار.

  والذين سبق لهم هذا من الله في حياتهم، ووجب لهم منه الوعد الصادق في دنياهم وآخرتهم، فهم المؤمنون بالله والعارفون به، المثبتون لعدله وتوحيده،