تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأنبياء

صفحة 325 - الجزء 1

  القائلون بصدق وعده ووعيده، والعارفون بفضل الجهاد في سبيله، الموالون لأوليائه، والمعادون لأعدائه، المؤدون لجميع فرائضه، القائمون بطاعته، التاركون لمعصيته، المستقيمون على واضح سبيله، رحمة الله ورضوانه عليهم، ونسأله أن يجعلنا في حكمه كذلك، وأن يرزقنا برحمته ذلك، وأن يفعل بنا ما يفعل بأولئك، إنه ولي حميد.

  ١٥٤ - وسئل: عن قول الله تبارك وتعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}⁣[الأنبياء: ٣٠] فقال: كيف كانتا مرتوقتين وما الرتق، وكيف فُتقتا وما الفتق؟

  قيل له: إن الله تبارك وتعالى الخالق لكل شيء، والمصور له والمدبر، خلق الماء والهواء والنار والرياح، فابتدع هذه الأشياء الأربعة ابتداعا، وانتزع تكوين تصويرها انتزاعا، من غير ما أصل كان موجودا مع الواحد الرحمن، بل هو الواحد الأحد، الموجد لكل جميع ما يوجد، فخلق تبارك وتعالى هذه الأشياء طبائع مختلفة، متضادة غير مؤتلفة، فجعلها أصولا لكل ما خلق وبرأ، وهذا المعنى الذي به تكلمنا ذكر ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ لنا، قال: «فلما أن خلق الله تبارك وتعالى الماء والرياح أوحى إلى الرياح بأن تصفق وتهيج غوارب الماء وأمواجه، فهيجت أمواجه، وزعزعت ساكنة، فارتعدت غواريه فتراكم زبده، وعظم أمره، ثم أوحى إلى النار فأحرقت ذلك الزبد، فثار منه دخان، فصعد الهواء، وبقي حراقة الزبد، فخلق الله السموات من ذلك الدخان، كما قال سبحانه: {ثُمَّ