تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة لقمان

صفحة 375 - الجزء 1

  وعليهم، أعرضوا بوجوههم عنهم، وأعطوهم خدودهم، فكلموهم وخدودهم مصعرة عنهم، ومعنى مصعرة فهي: ملوية منحرفة، ومعنى {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} فهو: لا تمش في الأرض أشرا، وبطرا ساهيا لاهيا، وامشِ فيها متذللاً لله متصغرا متفكرا ناظرا في أثر صنع الله فيها متدبرا، ولا تكن عند مشيك فيها عن ذلك معرضا، ولا له تاركا.

  ١٨٥ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ...} إلى قوله: {وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ٢٠}⁣[لقمان: ٢٠]؟

  فقال: معنى {سَخَّرَ لَكُمْ} فهو: جعل وقدر لكم، ما في السماء من المنافع، من الأمطار والشمس والقمر والنجوم في دورانها مرة، وغروبها مرة، وطلوعها أخرى، وما في الأرض مما سخره وقدَّره، وجعله من معايشها ومنافعها، وما جعل الله سبحانه من الخيرات لبني آدم، فهذا معنى سخر لكم، ومعنى {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، فهو: أكثر لكم من نعمه وعطائه ومننه ظاهرة، والظاهرة في ذلك ما ظهر وعُلم، وأُبصر بالعين وفُهم.

  والباطنة فهو: ما لا يرى بالعين، ولا يعرف سببه، مما يوليه الله عباده، لا