تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأحزاب

صفحة 389 - الجزء 1

  ١٩٦ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ٦٩}⁣[الأحزاب: ٦٩]؟

  فقال: هذا نهي من الله سبحانه عن أذية الأنبياء، والاجتراء عليهم في سبب من الأسباب أو معنى، وقد قيل: إن الذين آذوا موسى صلى الله عليه هم الذين قالوا: ساحران تظاهرا، فنسبوا إليه وإلى أخيه السحر، فبرَّأه الله من ذلك بما أفلح من حجته، وأظهر من حقه، عند تلقف عصاه إفك السحرة، وإبطال الله لسحرهم، وتبيينه لفضيحتهم، وقد قيل: إنه السامري ومن تبعه على دينه من خاصته، حين عمل العجل، وقال لبني إسرائيل: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى}⁣[طه: ٨٨] فبرَّأه الله من ذلك عند من اختدع، بما أظهر موسى في العجل من التمزييق والنسف له في اليم، فكلا المعنيين حسن. إذ كان كلا الفريقين له مؤذيا، والآخر أحسنهما عندي في المعنى، إذ كان أهله من قبل كفرهم بموسى مؤمنين، ولرب العالمين عابدين.

  ثم ذكروا في موسى ما ذكروا، من بعد معرفتهم بالحق، وبُعدهم من الكفر والفسق، فنهى الله المؤمنين أن يفعلوا كفعل أولئك الإسرائيليين في الأذى لمحمد ÷، في أي وجوه الأذى كان، ثم أخبر ذو الجلال والإكرام، أن موسى #: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ٦٩}، ومعنى وجيه فهو: كريم معظم مقدم.

  ١٩٧ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ٧٢}⁣[الأحزاب: ٧٢]؟

  فقال: هذا مثل مثله الله تبارك وتعالى، يريد سبحانه: أنا لو جعلنا في السموات