تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة سبأ

صفحة 398 - الجزء 1

  يعملون له كما ذكر الله، مما كان يأمرهم به، ثم أخبر أن من عصى الله بمعصية سليمان منهم فزاغ، أذاقه الله العذاب الذي أوجبه على العصاة منهم، {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ} والمحاريب فهن: محاريب المساجد وبناؤها، {وَتَمَاثِيلَ} والتماثيل فهي: التماثيل التي كانت الشياطين تعملها لسليمان #، تمثل له كلما اراد من الصفُّر والزجاج والحجارة وغير ذلك، ومثل ما مثَّلت من صرح صاحبة سبأ، وأشيا كثيرة معروفه، وهي اليوم ظاهرة موجودة في الدنيا، بالشامات وبمصر وفي بيت المقدس.

  والجفان فهي: هذه الجفان المعروفة، التي يكون فيها الماء والطعام، فكانت تنحتها له من الصخور، وتعملها من الصفر، على ما ذكر الله من العظم والكبر، {كَالْجَوَابِ} والجواب فهي: الحفر الكبار، تسمي العرب الحفرة الكبيرة: جوبه من الأرض وفي الأرض، والجواب فهي: جمع الجوبة الواحدة، {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} فالقدور هي: البرام التي يطبخ فيها، فكانت تعملها من الصفر، على غاية ما يكون من العظم، حتى كانت راسيات، والراسيات فهي: التي لا يحركها لكبرها إلا الخلق الكثير، فهي لثقلها راسية على أرضها، ثابتة في مكانها، قائمة بأثافي منها، مفرعة فيها، يوقد النار من تحتها ومن حولها، إذا أريد أن يطبخ شيء فيها، فلثباتها مكانها