تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة سبأ

صفحة 399 - الجزء 1

  سميت: راسيات، إذ كانت في المكان لثقلها متروكات، {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} يقول: اعملوا لله شكرا على ما أعطاكم، وخصكم به دون غيركم وأولاكم، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ١٣}، يقول: قليل من عبادي من إذا أنعمت عليه بنعمة من نعمي كان شاكرا فيها لي، أو قائما بما يجبُ فيها من حقي، فلا تكونوا في ذلك، كمن ذممناه بقلة الشكر من اولئك.

  ٢٠١ - وسالته: عن قول الله سبحانه {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}⁣[سبأ: ١٤]؟

  فقال: معنى {قَضَيْنَا} هو: اوقعنا عليه الموت، {إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} فهي: الأَرَضَة التي تأكل العيدان حتى تكسرها، فأخبر أنه لما أن قضى عليه الموت، لم يدل الشياطين ولا الآدميين على أنه ميت # إلا هذه الدابة، التي أكلت منسأته حتى انقطعت فسقطت، فلما سقطت خرَّت جثته ساقطة، لأنها كانت إلى المنسأة مستندة، وعليها متكية، فلما انقطعت المنسأة سقطت الجثة، فتبينت الجن عند ذلك أنهم لو كانوا يعلمون شيئا من الغيب، لعلموا بموته فلم يلبثوا في العذاب، من العمل والكد مذ مات إلى أن خر، حين قطعت الدابة منسأته، والمنسأة فهي: العصا التي كان متكئا عليها، قائما إليها مستندا من الجدار إليها، قد وضعها في