تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة سبأ

صفحة 402 - الجزء 1

  ٢٠٦ - وسألت عن قول الله سبحانه: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ}⁣[سبأ: ١٦] إلى قوله: {لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ١٩}⁣[سبأ: ١٩]؟

  فقال: هما جنتا مأرب، كانتا كما ذكرهما الله، فكفر أهلُها أنعَمة فأذهبهما، وأبدلهم مكانهما ما ذكر من هذا الخمط والأثل والسدر، والخمط فهو: ألفاف الشجر والشوك، والأثل فهو: هذا الأثل المعروف الذي يسمى: الطرفاء، والسدر فمعروف يسميه أهل اليمن: علوبا.

  {سَيْلَ الْعَرِمِ} فهو: السيل الغالب الشديد الكثير، أرسله على الجنتين فقلعهما واحتمل حجارتهما، وإنما سمي: العرم، لأنه اشتق له من العرامة، والعرامة فهي: الصعوبة في الشيء والاتعاب لما داناه، فلما أتعب السيل ما داناه، شُبُههَ بذلك، فقيل: سيل العرم، لشدة بأسه، وتعب ما يلقى منه الشجر وغيره، والقُرى التي بورك فيها فهي: قرى الشام بيت المقدس، وقد كان منهم ما ذكر الله سبحانه من سؤالهم وطلبتهم البعد ما بينهم، فصاروا يطلبون المرافق التي كانت حاضرة في جنتهم على البعد منهم، والقرى الظاهرة التي بينهم وبين الأرض المباركة، فهي هذه القرى المباركة والمناهل والمدن التي بينهم وبين الشام، وتمزيقه لهم فهو: ما كان من خروج أهلها بعد خرابها إلى آفاق البلاد، وقد قيل: أن بقيتهم اليوم بجبال طي وتلك النواحي.