تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة ص

صفحة 426 - الجزء 1

  ينزع خاتمه أو يديره في أصبعه، حتى يصل الماء إلى البشر الذي يكون تحته، وينقي من الدرن ما حوله - فلما نزع الخاتم من يده، ومضى لطهوره، خرج حوت من البحر، فابتلع الخاتم وذهب في البحر، فلما فرغ سليمان من طهوره، نظر إلى الموضع الذي كان وضع فيه خاتمه فلم يقدر عليه، فعلم أن ذلك لسبب قد أحدثه، وأن الله سبحانه أراد بذلك فتنته، فدعا الريح فلم تجبه، ثم دعا الطير فلم تجبه، ثم دعا الجن فلم تجبه، لما ذهب عنه الخاتم، وإنما كان الخاتم سببا من الله قد جعله فيه، وبه كان يطاع، فعلم سليمان أن العقوبة قد وقعت به، ووثب العفريت الملعون على سريره عند ذلك، وهو ملكه، قكان يتكلم على شبه كلام سليمان #، وهو من وراء حجاب لا يظهر ولا يُرى له شخص، ودعا فلم تجبه إلا الإنس، ومضى سليمان باكيا نادما على فعله، وجعل يتبع الصيادين على سواحل البحر، يخدمهم ويعينهم وهم لا يعرفونه ولا يعلمون أنه سليمان، فأقام على ذلك وقتا اختلف فيه الرواة، فقال بعضهم: أقام أربعين يوما، وقال آخرون: بل مكث خمسين يوما، وقال قوم: سبعين يوما، وهو أكثر ما قيل فيه، فجعل يتبعهم ويعمل معهم، ويعطونه في كل يوم حوتين، فيبيع أحدهما فيشتري به خبزا، ويشوي الآخر فيأكله، فلما علم الله منه التوبة والرجوع، والإنابة والخضوع، أراد أن يرد عليه نعمته،