تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة فصلت

صفحة 13 - الجزء 2

ومن سورة فصلت

  ٢٤٨ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١[فصلت: ١١]؟

  فقال: معنى قوله: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} فهو: صار حكمه إلى تدبير السماء وخلقها، وهي إذ ذاك دخان في الهواء فخلق من ذلك الدخان هذه السماوات العلى، فهذا معنى {اسْتَوَى} أي: صار حكمه وفعله إلى خلق السماء، من بعد خلق الأربعة الأشياء الأصليةللأشياء، وهي الهواء والماء والريح والنار، فهذا معنى قوله: {اسْتَوَى} لا أنه تبارك وتعالى انتقل إليها من الأرض ولا كان في الأرض دون الهواء، هو محيط بكل الأشياء، يستغني عن الأمكنة والأشياء تبارك وتعالى ذو الجلال والبقاء.

  ومعنى قوله: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} هو: أراد أن يأتيا فأتيا وليس ثَم قول، وإنما هذا مثل يخبر سبحانه أن سرعة نفاذ إرادته، ومضي مشيئته، أسرع من قول القائل كن، ومعنى {أَتَيْنَا} هو: كونا ولم يكن ثَّمَ أمر منه لهما لأنهما في ذلك الوقت دخان وحراقة، وإنما هو مثلٌ مُثِّل بالأمر، وإنما معنى {أَتَيْنَا} أي: أراد فجعل، وشاء كونهما فكانتا، فإيجاده لهما مراده لهما، هو إيجاده إياهما، لا يسبق إرادته موجوده، ولا وجوده إرادته، إذا شاء شيئا كان بلا