ومن سورة الشورى
  حجةُ من أنكر ما قد وضح وبأن، فـ {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، يقول: لم يبق لهم حجه فصرف بها عنهم العذاب، ولا يجب تبيينها لهم، ولا يلزمنا بها تأخير العذاب عنهم، قد بينا وأوضحنا واحتججنا، حتى شهدت عقولهم بأن ذلك هو الحق المبين، ثم كابروا، فليس مكابرتهم بعد المعرفة حجة عند الله يجب بها تأخير العذاب، كما يجب من قبل ثبات الحق عندهم، وظهوره لهم.
  ٢٥٦ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩} ... إلى قوله: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ٤٠}[الشورى: ٤٠]؟
  فقال: معنى قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩}، يقول: والذين إذا أصابهم الظلم في دينهم لم يقروا به، وانتصروا ممن بغى في دينهم، أو في أموالهم أو في دمائهم، حتى يثبتوا الحق ويزيلوا الباطل، فأخبر أنه لم يثبت باطلا، ولم يترك حقا.
  وأما قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}، فذلك في ما يجوز المكافأة به من السيئات، لا في شيء من المحرمات، وإنما ذلك في القتل والجراح والمال، فيجوز أن يكافأ من فعل شيئا من ذلك، بمثل ما فعل، فأما في مالا يجوز فعله، مثل ظلم يؤتى،