تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الشورى

صفحة 24 - الجزء 2

  أما أهله الذي كان يعرفهم في الدنيا ويألفهم فيها، فخسرهم بمفارقتهم، وإما بمصيرهم إلى عذاب أليم، وإما بمصيرهم إلى ثواب كريم، ففي كلا المعنيين قد خسرهم الكافر.

  والمعنى الأول فقد يخرج على أن الأهل هم حوريات الجنة، اللاتي جُعلن ثوابا للمؤمنين وخُلقن أهلا للمتقين، فكان من عمل بغير الهدى، وجنب عن التقوى، خاسراً للأهل الذين جعلوا للمتقين، فخسرهم الفاسقون بفعلهم، ما لا يجب الحوريات لمن فعله ولا ينالهن.

  ٢٥٨ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} ... إلى قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢}⁣[الشورى: ٥١ - ٥٢]؟

  فقال: الوحي الذي ذكر الله هاهنا فهو: وحي النوم، كما أوحى إلى أم موسى #، فيما أمرها به من إرضاعه فإذا خافت عليه القتل ألقته في اليم، ومثل وحيه إلى إبراهيم في المنام أن يذبح ابنه إسماعيل صلى الله عليهما، {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}: يخلق صوتا يسمعه السامع، كما كان فعله في موسى خلق له صوتا في الشجرة فسمعه موسى، والحجاب فمعناه: أن يأتي الصوت ولا يرى له مصوتا،