تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الزخرف

صفحة 30 - الجزء 2

  ٢٦١ - وسألته عن قول الله سبحانه: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ١٨}⁣[الزخرف: ١٨]؟

  فقال: هذا تقريع من الله تبارك وتعالى للمشركين في قولهم، وإثبات الحجة عليهم، إذ زعموا أن الملائكة بنات الله، وأن الملائكة أناث، فأنزل الله تبارك وتعالى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ١٦ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ١٧}⁣[الزحرف: ١٦ - ١٧]، يريد سبحانه إن كان قولهم في ما زعموا من أن الملائكة أناث، وأنهم لله بنات، فقال: كيف يصفيكم أنتم بالبنين ويتخذ هو البنات لنفسه. فلو كان كما يقولون. إذا لم يتخذ إلا البنين، إذ البنون أفضل من البنات، فكيف تنسبون إلى الله ما تكرهون. وتجعلون له ما منه تنتفون. من البنات اللواتي إذا بشر بها أحدكم ظل وجهه مسودا وهو كظيم مستحيا خجلا منهم واغتماما بولادتهن.

  ثم قال سبحانه: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ١٨}⁣[الزحرف: ١٨] يريد: أو من كان هكذا في الصفة كالبنين الذكور، وأهل البيان في الخصام، وأهل الخير والتمام، لا يكون ذلك كذلك أبداً، فأضمر الذكور لعلم المخاطب به، فقال: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} والذي ينشأ في الحلية فهن: البنات اللواتي يزين به في الحلي ويتزين به، وكذلك فهن اللواتي قال الله: {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ١٨} يقول: في الخصام غير قائم بحجته لضعفهن، وقلة معرفتهن بمالهن وعليهن.

  ٢٦٢ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ٢٦} إلى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢٨}⁣[الزخرف: ٢٦ - ٢٨]؟