ومن سورة الزخرف
  فقال: هذا قول من إبراهيم صلى الله عليه لقومه، تبرأ فيه من كل ما يعبدون من دون الله، ويثبت التولي منه لرب العالمين الذي فطره، ومعنى قوله: {سَيَهْدِينِ ٢٧} فهو: سيوفقني للحق ويهديني إليه ويبينه لي، والتي جعلها باقية في عقبه، فهي كلمة الإخلاص، ودين الحنيفية الباقي في عقبه إلى يوم الدين.
  ٢٦٢ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} ... إلى قوله: {آلِهَةً يُعْبَدُونَ ٤٥}[الزخرف: ٤٤ - ٤٥]؟
  فقال: الذكر الذي له صلى الله عليه ولقومه، فهو: كتابه ووحيه الذي نزل على نبيه، وقوله: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ٤٤} يعني بالسؤال: من أعرض عن الحق وعن الذكر وقبوله له يسأل بأي حجة كذب وصدق؟! وبأي معنى أعرض عن الحق. ومعنى قوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا} فهو: سل كتبهم، وافتش أخبارهم، واسأل عما فرضنا عليهم، مما أتوا به ذاعنين فانظر هل تجد في هذه الكتب التي أتوا بها منا الذين أبلغوا منهم عنا، شيئا مما عليه من أشرك بنا، واتخذ آلهة من دوننا، عبد شيئا من دون عبادتنا. فلن تجد ذلك أبد في شيء من كتبنا، ولا مما جاءت به رسلنا، وإنما ذلك خطأ من فاعله، واجتراء ممن يعبد شيئا من دون خالقه، وقد نهاهم الله سبحانه عن عبادة غيره، وأمرهم بالعبادة له.