ومن سورة الأحقاف
  ٢٧٧ - وسئل عن قول الله عز ذكره، وجلت أسماؤه: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}[الأحقاف: ٢٠] فقلت: ما الطيبات في هذه الدنيا؟
  هو ما يتنعم به الناس ويلبسونه، من صالحيهم وطاليحهم فأن من لبس الثياب السريه، وأكل الطعام الفائق، وركب الخيول، حلالا كان أو حراما، فقد أذهب طيبات الآخرة، بما أطلق لنفسه من استعمال طيبات الدنيا، فأما الكافر وأشباهه فقد استغنينا عن الفتش عن أمره بما قد عندنا من حاله، كثرت دنياه أو قلت، فمصيره إلى النار.
  وأما المؤمن به، والعامل بطاعة خالقه، المجتذي في أمره بما أمره به ربه، فكيف يكون تلك حاله. وإنما جعل الله الطيبات للمؤمنين، خاصة دون الفاسقين، فقال في كتابه ø، لأنبيائه $: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}[المومنون: ٥١]، وقال في كتابه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الأعراف: ٣٢]، ومعناها ويوم القيامة.
  وقال في كتابه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ}