تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأحقاف

صفحة 48 - الجزء 2

  [المائده: ٩٣] إلى آخر الآية فلم يجعل الله ø على المؤمنين حرجا في شيء مما رزقهم، إذ أخذوا على ما جعل لهم وأمرهم به، فساروا فيه بطاعة الله، ولم يتعدوا إلى شيء مما يسخط الله، لأن الله ø - أيها السائل - لم يجعل ما في هذه الدنيا من خيرها ومراكبها التي خلقها لشرار أهلها، ولا لمن عند عن طاعة خالقها، وإنما جعلها للصالحين، ولعباده المتقين، يأمرون فيها بأمره، وينهون عن نهيه، مقيمون أحكامه فيها، منفذون لأمره عليها وللطاعة والمطيعين، خلقها رب العالمين، ثم أمرهم ونهاهم، وبصرهم عنهم وهداهم، وجعل لهم الإستطاعة إلى طاعة مولاهم {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال: ٤٢].

  وإنما معنى الآية وقول الله سبحانه: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} فتبكيتا منه سبحانه لأهل النار، وتوقيفا على تفريطهم في طاعة ربهم، ومعنى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} أي تركتم ومحقتم وعطلتم ما جعل الله لكم بالطاعة من النعيم المقيم،